 
                 
الملف الأول يبدأ من العام الإضافي (العام التطويري) الذي فُرض على خريجي كليات التربية قبل التعيين. فقد أثبتت التجارب العالمية أن تجربة الإعداد في الكلية هي الأهم وإقرار هذا العام بعد التخرج سيطيل الطريق نحو الميدان، وسيضعف الحافز لدى الخريجين. الإصلاح الحقيقي يبدأ من تطوير برامج الإعداد داخل الكليات لا من إضافة عام بيروقراطي جديد.
أما الملف الثاني فيتعلق بخريجات رياض الأطفال اللاتي ما زلن ينتظرن فرص التعيين رغم الحاجة الملحّة للتعليم المبكر. فهذه المرحلة لا يمكن أن تُدار بغير المتخصصات، وتوظيفهن استثمار تربوي ينعكس على جودة التعليم من جذوره الأولى.
ويأتي الملف الثالث من قلب اليوم الدراسي، حيث يطالب الميدان بفصل الاختبارات النهائية عن أيام الدراسة الفعلية. الجمع بين الحصص والاختبارات يُربك الطلاب ويجهد المعلمين، وتخصيص أسبوع مستقل للاختبارات سيعيد للتقويم توازنه وفاعليته.
أما الملف الرابع فيتناول الجدل حول تحميل المعلمين مسؤولية نتائج اختبارات القدرات والتحصيلي، وهو طرحٌ تبناه بعض الخبراء في التعليم ممن رأوا أن الفجوة بين درجات المدرسة والاختبار المعياري تعود إلى ضعف الأداء داخل الفصل. غير أن أصواتًا تربوية أخرى أكدت أن هذه القراءة غير دقيقة، لأن تلك الاختبارات تقيس مهارات تحليلية واستدلالية عامة لا ترتبط مباشرة بأسلوب المعلم أو محتوى المقرر. ومن غير الموضوعي اختزال نتائجها في أداء المعلم وحده، بل يجب أن تُستخدم كمؤشرات لتطوير السياسات التعليمية وتحسين أدوات القياس والتقويم.
الملف الخامس يتناول ظاهرة التقاعد المبكر التي تعكس تحديات بيئة العمل التعليمية. فالمعلم يواجه أعباءً متزايدة وضغوطًا نفسية دون حوافز كافية. المطلوب إعادة النظر في نظام الحضور والانصراف، وتخفيف المهام الإدارية، وتقدير الجهد الفعلي في الصف لا في التقارير الورقية.
أما الملف السادس فيدور حول غياب المكافآت التحفيزية السنوية. فالمعلم يحتاج إلى حافز يكرّم جهده ويعزز روح العطاء. مكافأة واحدة سنويًا، ولو رمزية، كافية لتأكيد أن الجهد لا يضيع، وأن الإبداع يُكافأ كما في القطاعات الأخرى.
الملف السابع يتعلق بالتدريب الخارجي النوعي، الذي ما زال مؤجلًا رغم أهميته. فالمعلم بحاجة إلى رؤية تجارب تعليمية عالمية عن قرب، لا من خلف الشاشات. الإيفاد القصير إلى دول متقدمة سيحدث تحولًا في الفكر والممارسة التربوية داخل الفصول.
ويأتي الملف الثامن حول بند 105 الذي ما زال عالقًا دون حلٍ شامل. آلاف المعلمين ينتظرون تسوية أوضاعهم واحتساب سنوات خدمتهم الأولى ضمن التقاعد والعلاوة. إنه ملف مهني وإنساني قبل أن يكون قضية مالية.
الملف التاسع يتناول حركة النقل الخارجي التي لا تزال مصدر قلقٍ سنوي. فالاستقرار الأسري والنفسي جزء من جودة الأداء المهني. المطلوب إعادة هيكلة حركة النقل لتكون أكثر مرونة وتنظيمًا وشمولًا لجميع الفئات.
ويُختتم الحديث بالملف العاشر، وهو إشراك المعلم في صناعة القرار التربوي. فالمعلم هو من يعيش تفاصيل الميدان، وأي قرار يُصاغ بعيدًا عنه يبقى ناقصًا في الفهم والتنفيذ. إشراكه في اللجان والسياسات ليس ترفًا إداريًا، بل ضمانة لجودة القرار وفاعليته.
ختامًا، هذه الملفات العشرة ليست قائمة مطالب، بل صورة واقعية لتطلعات الميدان. فالمعلم لا ينتظر في يومه العالمي عبارات الشكر، بل خطواتٍ تُعيد له حضوره وتضعه حيث يستحق: في مقدمة الصف، وفي قلب مشروع التطوير التعليمي.