منذ اللحظة الأولى، عمّ المكان إحساسٌ جميل بعدوى الإبداع؛ طاقةٌ إيجابيةٌ انتشرت بين الجميع من روّاد الأعمال، والباحثين، والأكاديميين، والطلاب، وحتى طلاب المدارس الذين حضروا بشغفٍ كبيرٍ ليشهدوا بأعينهم معنى الابتكار ويعيشوا تجربته الحقيقية. تحوّل المؤتمر إلى مساحةٍ يتنفس فيها الجميع شغف الفكرة ومتعة الابتكار، فكان الإلهام يسري في القاعات كما تسري العدوى الجميلة، ليخرج الجميع وهم في نشوة ابتكارية ملهمة وعارمة.
شهد المؤتمر حضورًا كبيرًا ومتنوعًا، جسّد التكامل الحقيقي بين منظومة التعليم والريادة والاستثمار. شارك فيه صناع القرار، والباحثون والأكاديميون، وطلاب الجامعات والمدارس، وروّاد الأعمال، وممثلو حاضنات الأعمال ومسرّعاتها، والأودية الاستثمارية التابعة للجامعات السعودية التي سالت بالأفكار، والاستثمار، والاحتضان، والتسريع. أما المتحدثون فقد أبدعوا في طرحهم، فألهموا الحضور بعمق الرؤى وثراء التجارب وجرأة الأفكار.
وقد تجسّد شعار المؤتمر” فكرة، اختراع، أثر” في كل تفاصيله؛ فالأفكار كانت تولد على المنصات وفي الأروقة، والاختراعات تخرج للنور من العقول الطموحة، والأثر بدا واضحًا في نفوس كل من شارك، إذ غادر الجميع وهو يحمل شعورًا بالفخر والمسؤولية نحو الإبداع الوطني.
أما عن مشاركتي، فقد قدّمت خلال المؤتمر ورشة عمل بعنوان “صيحات حديثة في الصناعات الغذائية: نحو ابتكارات سعودية مستدامة”، وكانت التجربة مثالًا حيًا على روح الابتكار التي عمّت المؤتمر. ففي غضون 15 دقيقة فقط، استطاع المشاركون أن يبتكروا منتجات غذائية سعودية مستدامة بنكهات محلية أصيلة وأفكار حديثة مستوحاة من أحدث الصيحات العالمية.
كانت لحظة مؤثرة حين بدأوا بعرض ابتكاراتهم بثقةٍ وفخر، في مشهدٍ يلخّص ما يعنيه الابتكار حين يتاح له الفضاء المناسب لينمو.
لقد كان هذا المؤتمر محفلًا بحق وفكرةً بحق واختراعًا بحق وأثرًا بحق، حدثا جمع بين الفكر والعمل، وبين الحلم والتطبيق، وأثبت أن العقول السعودية حين تُمنح المساحة والدعم، تُبدع وتصنع أثرًا حقيقيًا يتجاوز التوقعات.
* أستاذ التغذية والعلوم النفسية المساعد
جامعة الملك عبدالعزيز