 
                 
تقع منطقة عسير، موطن «رجال الزهور»، على قمة هضبة تتلقى أمطارًا أكثر من أي منطقة أخرى في المملكة العربية السعودية، مما يضمن الطقس المعتدل المناسب للسياحة، والذي تكثر فيه النباتات والورود العطرية من مختلف الألوان.
ينحدر «رجال الزهور» من قبيلة قحطان، ويعتبر تزيين الرؤوس بالزهور موروثًا حضاريًا مستمرًا حتى اليوم، وهو من أساسيات اللباس الشعبي لديهم؛ إذ يضعون نباتات عطرية بألوان مختلفة وأوراق ذات رائحة عبقة فوق العمامة، ويرتدون معطفًا في الوسط وإزارًا يصل إلى ما دون الركبة مثبّتًا بحزام يشّد على سكين متوسط الحجم يُسمَّى «مِنْقَلَة»، أو خنجر معقوف يُسمَّى «جَوفِيَّة»، أو صفيحة يمانية تُسمَّى «جَنْبِيَّة».
يُنظر إلى صناعة تيجان الزهور هذه من قِبل شباب القبيلة على أنها مسابقة جمال ودية: إذ يُضيفون إليها أكبر قدر ممكن من زهور القطيفة والياسمين. على النقيض من ذلك، يتبنى الرجال في منتصف العمر فما فوق نهجًا أكثر هدوءً، فيصنعون أكاليل الزهور من نباتات خضراء كالريحان البري. يرتديها البعض يوميًا لأغراض جمالية، والبعض الآخر في مناسبات خاصة كالأعياد الإسلامية الكبرى. وكثيرًا منهم يرتدونها عند المرض، ويختارون الأعشاب والنباتات المعروفة بخصائصها الطبية، ولاسيما لمعالجة أمراض الصرع والأمراض التنفسية.
يعود بعض «رجال الزهور» بأصولهم الى منطقة الحبلة، وهي موقع سياحي يبعد قليلًا عن مدينة أبها. توفر المنطقة أجواءً عليلة وإطلالات رائعة، بالإضافة إلى وجود شلالات متدفقة من الجرف الصخري القريب. وتشتهر بزخارف مبانيها التقليدية المعروفة بفن «القط العسيري» الذي أُدرج في قائمة اليونسكو التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية عام 2017. وتكثر فيها مناطق ترفيهية وحدائق ومساحات خضراء ومناطق لعب للأطفال ومطاعم، وتلقى اهتمامًا كبيرًا من الحكومة السعودية سعيًا لتأمين الخدمات لأهاليها، وتشجيعًا للسياحة، وحفاظًا على هذا التراث الرفيع من نوعه.