هي وعي وموقف ضد كل سلوك أو تصرف يصدر من الغير ويحدث ضررا أو تشويها للمكان، واستشعار المسؤولية لا يقتصر على فئة دون أخرى بل هو وعي جمعي يبدأ من الفرد إلى الأسرة ثم إلى مؤسسات المجتمع كافة، وهي ليست مجرد التزام قانوني أو واجب وظيفي بل ضمير حي يدفع الإنسان لأن يؤدي ما عليه حتى وإن لم يراقبه أحد. هي شعور داخلي بالانتماء يجعل الفرد يرى في نجاحه نجاحًا لوطنه وفي تقصيره عبئا على مجتمعه. هذا المفهوم لو تعمق لدينا فلن نشاهد من يتقاعس عن القيام بدوره ولا من يغض الطرف عن أي شخص أو موقف قد يلحق الضرر بوطنه أو مجتمعه. نتوسم في الجميع الخير، وأن الكل لن يرضى عن أي سلوك أو منظر لا يتوافق مع قيمه ويشوه الصورة العامة للبلد حتى وأن كان الفاعل للسلوك ممن لبس رداء الحاجة والعوز وسؤال الناس المساعدة بطريقة مسيئة، ومن أشخاص ليسوا من أبناء الوطن بل أغلبهم من مخالفي نظام الإقامة أو من مقيمين لم يحترموا أنظمة البلد وقوانينه، والتي منعت بعض الممارسات التي تضلل الرأي العام وتنقل صورة غير حقيقية عن وضع المواطن السعودي ومستوى معيشته داخل وطنه. وهذه الظاهرة مع الأسف منتشرة بشكل ملفت في جميع المناطق ومن أشخاص يمارسون طريقة واحدة تقريبا في عملية سؤال الناس المساعدة (التسول)، ما يؤكد أن الجميع ينتمون إلى خلية واحدة دربتهم على سلوك معين، وزودتهم بالطرق التي تسهل عليهم الحصول على الأموال بحيل مختلفة. فبعضهم يعرض بضاعة عبارة عن محارم ورقية لا يزيد عددها عن ثلاثة وفي أحيان علبة واحدة، والبعض يعرض بيع بعض المشروبات الساخنة والباردة وبكميات قليلة جدا ومعروضة لفترات طويلة، ولا شك أن بعضها فسد بفعل حرارة الشمس ورداءة العبوات المحفوظة بها، وهم يعرضونها وكأنها بضاعة متواضعة، ولكنها في الحقيقة ليست مشروعا تجاريا بقدر ما هي وسيلة لاستدرار العطف وجمع المال! ويقف البعض عند الإشارات وأمام المحال التجارية يمدون أيديهم بابتسامة مصطنعة أو نظرة رجاء توحي أنهم عارضون سلعة للبيع، بينما الهدف الخفي هو الاحتيال بالعاطفة واستغلال للجانب الإنساني لدى المواطن، والذي لا يتردد عن دفع ثمن سلعة وهمية ولا يأخذها وفوقها مبلغ إضافي يرى أن من الواجب عليه دفعه. هذه المشاهد لا تتكرر يوميا أمام المحلات التجارية وعند الإشارات فقط، بل وعلى أرصفة الطرق الفاصلة لمسارين في أماكن خطيرة جدا، حيث لا توجد مسافة بين الرصيف وعرض الشارع والوقوف أو الجلوس هناك ممنوع في الأصل، فما بالك بجلوس سيدة ومعها أطفال وبضاعة رديئة للتمويه وتمكث لفترات طويلة! وهنا نستعجب كيف يترك هؤلاء دون متابعة أو منع، أليست البلديات تمنع البيع على الأرصفة والمرور يمنع الوقوف أو الجلوس في الطرقات بهذه الكيفية التي تهدد سلامة الشخص ومستخدمي الطريق؟! ألم نعي كمجتمع أن مثل هذه الظواهر تمثل خطرا علينا؛ لأن هؤلاء قد يتم استغلالهم من قبل بعض العصابات التي تجد صعوبة في الوصول إلى عمق المجتمع لترويج أشياء مخالفة، خصوصا وأغلب من يقومون بهذه الأعمال هم النساء والأطفال، وفوق أنهم أكثر استدرارا للعواطف هم أكثر قدرة على الوصول إلى أبعد عمق داخل المجتمعات. نعلم أننا شعب عاطفي وسخي جدا مفطور على مساعدة المحتاج وإغاثة الملهوف، ولكن يجب أن تتم المساعدة وفق المسار الصحيح وعن طريق القنوات التي حددتها الدولة، والتي تضمن وصول المساعدة إلى المحتاج الفعلي وليس المتحايل والذي قد يوظف هذه الأموال في طرق غير مشروعة ومضرة جدا، والأمثلة كثيرة ولن نعود إلى سردها.