 
                 
يا وادي الحب هل لازلت محتفظا..
بأثل سلمى الذي من بعدها وصبا..
وهل سقيت عروق الأثل ياخلب..
من أجل يبقى طوال العمر منتصبا..
كي لا يموت إذا ما مات ياخلبُ..
تاريخ حب لنا في جذعه كتبا..
تاريخ وامتداد عريق لهذه الأودية التي هي نافذة الحياة المعيشية لآبائنا وأجدادنا، سؤال يتبادر إلى الأذهان عجبا وتفكرا.. هل ساءلوا المنظمة العالمية للفاو عن ثرواتي؟
نداء يصدح في الأودية من مزارعي منطقة جازان. لقد فقدت جازان خضرتها وجفاف أرضها وندرة حبها وضعف إنتاجها الغني، هناك أسئلة تدور في خلد من يبحر في هذه المنطقة وتاريخها ومعالم حضارتها، إنها إجابات دفنتها التوصيات تحت فقاعات المطر، بعد بارق لاح في السماء عشية فتراكم. فترى الودق يخرج منه لتخضر وترتوي البلاد وتبتهج الأنفس ويزداد سرورها، فالخير أقبل والسماء تمطر والأودية تزف البشرى بسيولها إلى هذه الأراضي الزراعية التي تغذي الأسر وتسد رمق جوعها.
كيف لمنطقة هي حاضرة بين جبل وسهل وبحر، استوائية المناخ مدارية الهوى، غزلية المشاعر والأدب، إنها سلة الخبز جازان، هكذا كان اسمها عندما كان اقتصادها وفيرا وخيرها كثيرا وماؤها غزيرا في ربوع هذا الوطن العزيز.
لماذا هذا التصحر الذي تردد الأعاصير أهازيجه وصفيره كلما هبت رياح العصاري تزف بشرى الأمطار.
إنها جازان يوجد بها أكثر من خمسة وعشرين واديا لا تكاد تروي الأراضي، وبها ثلاث سدود أودية من أكبر الأودية في هذا الوطن العظيم، لا تكاد ترى جريانها إلا إذا قرع جرس الإنذار بضرورة فتحها.
إنها جازان أرض الزراعة والفلاحة والإنتاج الغني، أجيال توارثت هذه البلاد وكانت العقوم والسدود الترابية هندسة فكر عظيم، تخطط أماكنها وأحجامها ومسمياتها لتكون قنوات ري. تسقي الأراضي الصغيرة قبل الكبيرة، كان الآباء والأجداد أُمّيين، ولكن كانت عقولهم مدارس وكليات في التخطيط الهندسي والإستراتيجي، حاضرة فيها الحكمة والخوف والجوع والفطرة والحب ورغد العيش أملا في الحياة.
لقد ذهبت الأيام بهذه الزراعة إلى حيث أرادت لها هندسة الفكر الحديث التي شكلت، وغُيب أصحاب هذه الأراضي من أهلها عن هذه اللجان والتوصيات، لتقرر أين تذهب مياه السيول والأمطار في الأودية، وأصبح ملاذها الآمن البحر، كان السيل إذا أبحر يعد في زمانهم تاريخا وحدثا عظيما، فكل ربع قرن أو أكثر يبحر السيل مرة واحدة، فوادٍ مثل وادي بيش كانت زراعته لا تنقطع طوال العام، ومثله وادي ضمد ووادي خلب ووادي جازان، الذي هو أول وادٍ اختارته المنظمة العالمية للفاو لإجراء اختباراتها ودراساتها وبحوثها واستشاراتها الزراعية، وأثبتت نجاحها على مدى عقود طويلة أن أرض جازان من أخصب الأراضي الزراعية في العالم، نجحت زراعة المانجو والجوافة والموز والكاكاو والبن بأنواعه، وجل الفواكه الموسمية، نجحت زراعتها والخضروات لا تكاد تنقطع في المنطقة بجميع أصنافها، وكانت أسعارها زهيدة وجودتها عالية، لقد باتت سلة الخبز سوقا لتجارة الخضروات والفواكه المستوردة.
سؤال يتبادر في الأذهان.. أليس من الأحرى أن تبادر جامعة جازان في إنشاء كلية خاصة بالزراعة والأبحاث لتمزج العلم بالطبيعة فتكون جازان ثروة الزراعة في ربوع هذا الوطن.
دمتم عزيزا يا وطني