 
                 
لكن من الناحية القانونية، تبرز إشكاليات عدة جوهرية، أولها مسألة الرضا التعاقدي، فهل يمكن اعتبار طرف ما ملتزمًا ببنود عقد مكتوب بلغة برمجية لا يفهمها؟ لهذا يقترح الخبراء الجمع بين نص قانوني مكتوب بلغة بشرية والكود البرمجي، لضمان أن الأطراف تعي مضمون العقد عند توقيعه.
الإشكالية الثانية تتعلق بالاختصاص القضائي، فالعقد الذكي قد يُنفذ عبر شبكة موزعة عالميًا، فإلى أي دولة يُنسب؟ وأي قانون يُطبق عليه؟ بعض التشريعات الحديثة بدأت تتناول هذا السؤال باعتماد معايير، مثل مكان إقامة الأطراف أو مكان المنصة الرقمية التي أبرمت العقد من خلالها. لكن الإجماع الدولي لم يتحقق بعد.
مجال التمويل اللامركزي هو أبرز مثال على استخدام العقود الذكية، فهو يتيح عمليات إقراض وتداول أو تأمين عبر الإنترنت، دون الحاجة إلى البنوك أو الوسطاء. هذا يفتح آفاقًا واسعة للابتكار، لكنه أيضًا يحمل مخاطر كبيرة، حيث شهدت بعض المنصات خسائر بمليارات الدولارات نتيجة ثغرات برمجية أو هجمات إلكترونية.
لهذا يتزايد الحديث عن ضرورة وجود تشريعات متخصصة، تفرض مثلا التأمين الإلزامي على المشاريع المالية الضخمة، أو إلزام المنصات بعمليات تدقيق برمجي مستقلة. كما يمكن التفكير في إنشاء هيئات تحكيم رقمية، قادرة على حل النزاعات بسرعة ومرونة أكبر من المحاكم التقليدية.
الجانب الاقتصادي مهم أيضًا، إذ إن العقود الذكية وسلاسل الكتل قد تصنعان فرصًا استثمارية ضخمة في مجالات عدة، مثل العقارات والنقل والتجارة الدولية. لكن من دون إطار قانوني واضح، ستظل هذه التكنولوجيا محفوفة بالمخاطر التي قد تحد من انتشارها الواسع.