 
                 
وبالحديث مع بعض المرضى من تلك المنطقة، وجدت أنه يتم تحويلهم إلى مستشفيات مرجعية في مدينة الرياض والدمام وجدة في تخصص جراحة العظام على سبيل المثال، بينما يعد أحد أبناء تلك المنطقة «نار على علم» على مستوى المملكة في هذا التخصص الطبي، وعمله في تلك المنطقة وليس خارجها، ولكن سبب تكدس المرضى بعيادته المواعيد التي تُحدد لهم بعد ستة أشهر إلى سنة، وقد تتضاعف مشكلة هذا المريض ما لم يضطر إلى قطع مئات وألوف الكيلومترات ليحصل على علاجه، حيث إن ذلك الطبيب الاستشاري يعمل في عيادته فقط 4 ساعات في الأسبوع بأكلمه، أما بقية الأسبوع فهو منهمك فيما تم تكليفه به من مهام إدارية صحية، وكأنه لا يوجد تخصص مستقل يمكن أن يحصل فيه أحدهم على درجة الدكتوراه اسمه «الإدارة الصحية» أو «إدارة الخدمات الصحية» أو «إدارة المستشفيات»، الذي بالمناسبة هذا التخصص الذي تخرجه غالبية الجامعات والمعاهد، مثل معهد الإدارة، خصوصًا مرحلة الدبلوم، بينما خريجوه «يهشون الذباب» من العطالة، ويمكن استقطابهم من خلال برنامج تدريبي تخصصي ينتهي بالتوظيف من خلال الصحة القابضة، بالتعاون مع هيئة التخصصات الصحية وغيرها.
فلك أن تتصور لو أنه تم توظيف ألف عاطل من خريجي هذا التخصص، ثم سُمح للمتميزين منهم بمواصلة تعليمهم للدراسات العليا، فكم من طبيب وممارس صحي سيعود لما أضاع من وقته أعوام لدراسته، وهو الطب والممارسة الصحية، لتتم تنحيته عن ممارسته الصحية بتكليفات إدارية بحتة، ويمكن للعاطلين القيام بها بكل اقتدار بعد التأهيل والتمكين.
وليس بالضرورة من كان ناجحًا وفذًا في الطب أو الممارسة الصحية بشكل عام أن يكون ناجحًا وفذًا في الإدارة، والعكس صحيح، فمن كان ناجحًا في الإدارة يستطيع النجاح في إدارة صحية أو تعليمية أو غيرها من الإدارات والوزارات والأمثلة كثيرة، فقد عرفنا كم طبيب مر على كرسي وزارة الصحة ولم ينجح في تغييرها كما نجح معالي د. توفيق الربيعة، وهو ليس طبيبًا أو ممارسًا صحيًا.
فالسؤال البديهي لوزارة الصحة عمومًا، والصحة القابضة وما تحتها من تجمعات صحية على وجه الخصوص: ما فائدة التخصصات الإدارية المرتبطة بالصحة إن كان جل تكليفاتكم الإدارية هي لكوادر وممارسين صحيين، فلم تضيعون على هؤلاء دراستهم في الصحة، وتبقون من درسوا الإدارة الصحية فعليًا في عداد العاطلين؟!، وإن راقبنا الوضع عن كثب سنجد ببساطة أن إهمالنا لتخصص الإدارة، بما فيها الصحية، جعل «الإدارة تسرق كوادرنا الصحية».